تأملات إيمانية في عظمة الإسراء والمعراج:======

تأملات إيمانية في عظمة الإسراء والمعراج:

==========================

أولا: في رحلة الإسراء:

*****************

مرّ رسول الله صل الله عليه وسلم بقبر نبيّ الله موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر قرب جبل الطور فوجده قائم يصلي في قبره. وكما قال صل الله عليه وسلم:(الأنبياء أحياء في قبورهم).... نعلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان متجها إلى بيت المقدس ومع ذلك لم يخرج موسى عليه السلام ليصاحبه الرحلة. لأن موسى عليه السلام يتبع قوانين الحياة البرزخية. أما رسول الله صل الله عليه وسلم فيتبع قوانين عالم الشهادة (الحياة الدنيا).

ولكن عندنا ثلاث محطات لموسى عليه السلام مع رسول الله صل الله عليه وسلم:

المحطة الأولى: في شبه جزيرة سيناء:

=======================

عندما مرّ عليه في قبره ووجده قائم يصلي في قبره...لاحظوا أن رسول الله صل الله عليه وسلم لم يلق عليه السلام ... لأنه وجده يصلي.... كما لم يقل له: السلام عليكم ديار قوم آمنون  أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون... لأن الأنبياء أحياء في قبورهم.

المحطة الثانية في بيت المقدس:

====================

وذلك عندما صلى رسول الله صل الله عليه وسلم بالأنبياء.

المحطة الثالثة بالسماء السادسة:

====================

هنا سلم رسول الله صل الله عليه وسلم على موسى عليه السلام. وطال الأنس مع موسى عليه السلام بالذات حيث أنه عليه السلام أخذته الشفقة على أمة محمد صل الله عليه وسلم في شأن الصلاة وقال له عدة مرات: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف.حتى صارت خمس صلوات.

ولكن لماذا موسى بالذات هو من ردّ رسول الله صل الله عليه وسلم لربه؟. ألم يكن بالأحرى أن إبراهيم عليه السلام هو من يقوم بردّهّ ولا سيما أنه بالسماء السابعة كما أن الصلاة الإبراهيمية اقترنت باسمه عليه السلام.

إن من حياء رسول الله صل الله عليه وسلم وحياء جدّه إبراهيم عليه السلام قد حالا أن يسألا ربهما التخفيف في الصلاة .

وقد يتبادر سؤالان:

السؤال الأول: 

========

من أخبر موسى عليه السلام بأن أمة محمد صل الله عليه وسلم لا تطيق خمسون صلاة في اليوم والليلة؟.

السؤال الثاني: 

=========

من أخبر إبراهيم عليه السلام أن اسمه سيقترن مع رسول الله صل الله عليه وسلم في الصلاة؟!.

في توراة موسى عليه السلام أخبر  بأوصاف أمة محمد صل الله عليه وسلم. كما أن موسى عليه السلام وابراهيم عليه السلام في عالم الغيب والغيب عندهم ليس غيب فهو غيب لنا وهم يعلمون من الملائكة ما يدور في الملأ الأعلى.

هنا انتهت قضية الصلاة.

القضية الثانية:

=========

 السلام على الأنبياء عليهم السلام في الملأ الأعلى: 

****************************************

رسول الله صل الله عليه وسلم صعد للسماء بالروح والجسد ... فكيف سلم على الأنبياء وهم أرواح وكيف كلمهم وهم أرواح ... وفي أي صورة من صور الطاقة كانت الروح ... هل كانت في صورة صلبة أم سائلة أم غازية .... لا شك لو كانت الروح في أي صورة من صور الطاقة لعرف رسول الله صل الله عليه وسلم سرها وتكوينها والله تعالى أخبرنا أن الروح من أمره هو ولا يعرفها إلا هو.

إذا رسول الله صل الله عليه وسلم رأى الأنبياء في صورتهم البشرية ... أي جسد وروح معا.

ومما يطمئنا في ذلك أنه رأى عيسى عليه السلام في السماء الثانية مع ابن خالته يحي عليه السلام ... ومعلوم أن عيسى عليه السلام لم يمت بعد بل رفعه الله إليه وسوف ينزل في آخر الزمان.

إذا السماء الثانية فيها ضدان يلتقيان. عالم الغيب ويمثل يحي عليه السلام حيث أنه مات جوازا. وعيسى عليه السلام وهو لم يمت بعد.

إذا فكيف يلتقي عالم الغيب بعالم الشهادة وكلا له قوانينه الخاصة!!!!.

هذا يدلل على أن رسول الله صل الله عليه وسلم صعد لربه بالروح والجسد ورأى الأنبياء بالروح والجسد.

وهذه النقطة تفيدنا في قضية الصلاة مع الأنبياء في بيت المقدس. إذا فكيف التقى بهم وصلى بهم ... هل رآهم بالروح والجسد أم بالروح فقط.

وكيف يلتقي عالم الغيب بعالم الشهادة ولكل عالم قوانينه الخاصة به...

 

القضية الثالثة:

=========

إذا كانت الأنبياء صلت مع رسول الله صل الله عليه وسلم بالروح والجسد في مسجد البراق فكم متر مربع يكفيهم بالمسجد؟!.

*********************************************

أخبرنا رسول الله صل الله عليه وسلم أن عدد الأنبياء ١٢٤ ألفا وعدد الرسل ٣١٣. إن ١٢٤ ألفا عندما يصلون يحتاجون نحو ٦٢ ألف متر مربع للصلاة ... أي نحو ١٥ فدان يعني مسجد مساحته ١٥ فدان.

وما هي مساحة مسجد البراق؟

حوالي ٥ متر في ٨ متر أي ٤٠ متر مربع

يا الله ٤٠ متر مربع يسع ل ١٢٤ ألف نبي ورسول .... والمفروض أن تكون المساحة ١٥ فدان!!!.

نعم الله يوسع المساحة من أجل رسوله صل الله عليه وسلم.

لا تتعجب لرسول الله صل الله عليه وسلم صعد لربه مسافة تقدر بمسيرة ١٤ ألف سنة ذهابا وإياباً فضلا عن زمن الإسراء.

ورجع فوجد أن فراشه دافىء.

فالله يطوي الزمن لمن يشاء من عباده. ويبسك الأرض لمن يشاء من عباده.

وتجلى اسم الله القابض الباسط في رحلة الإسراء والمعراج لرسول الله صل الله عليه وسلم.

فاسمه الباسط تجلى في رحلة الإسراء فبسط له المكان واتسع لكل الأنبياء.

واسمه القابض تجلى في رحلة المعراج فقبض له الزمن ورجع ومازال فراشه دافئا.

كل هذا لم يحدث إلا لنبي واحد فقط هو سيدنا محمد صل الله عليه وسلم.

من أجله:

اخترق حجب الزمن الماضي والحاضر والمستقبل.

اخترق صور الطاقة المختلفة.

اخترق عالم الغيب والشهادة.

اجتمع بين ضدين في آن واحد عالم الغيب والشهادة.

اخترق السماوات السبع حتى سدرة المنتهى.

رأى الجنة وخزنتها ونعيمها وهو في عالم الشهادة.

بسط الله له الأرض وطوى له الزمن.

كل أركان الإسلام فرضت في الأرض إلا الصلاة فرضت في السماء وكرمه الله باقتران اسمه في الأذان باسمه وفي التشهد مع جده إبراهيم عليه السلام.

أظنك عرفت اليوم قدر حبيبك محمد صل الله عليه وسلم.

ولكن قدره الحقيقي لا يعلمه إلا الله ومن أجل ذلك طلبنا أن نطلب من الله أن نصلي عليه فنقول اللهم صل ... أي: يا الله صل ... فأنت تطلب من الله أن يصلي على رسول الله صل الله عليه وسلم.

لماذا... لأن رحلته للسماء وصلاته بالأنبياء لا يعلم قدرها إلا الله ففيها من الأسرار الخفية في عالم الملكوت... لا شك أننا سنعرفها من الله تعالى ورسوله صل الله عليه وسلم يوم القيامة.

إنها رحلة جميلة أخذتكم فيها اليوم معي لبستان النبوة لنقتطف زهرة نستنشق عبيرها إلى أن نلقى الله تعالى ولنصبر أنفسنا من عناء الدنيا.