قصة عالم «أزهري» ذكر دينه ونسي دنياه امام الخليفة :
قصة عالم «أزهري» ذكر دينه ونسي دنياه امام الخليفة :
تولي الخديوي إسماعيل حكم مصر فى مطلع عام 1863 ، و ذهب إلى الآستانة ليقدم فروض الولاء والطاعة وتودد إلى الخليفة العثماني عبد العزيز ودعاه إلى زيارة مصر فوعده بقبول الدعوة.
و في 7 إبريل 1863 وصل الخليفة العثماني واستقبله الخديوي إسماعيل على يخته الملكي بميناء الإسكندرية ، و كانت هذه الزيارة بمثابة تكريم كبير للخديوي إسماعيل وتعظيم لشأنه وشأن مصر، لذا كان الخديوي إسماعيل حفيًا بالزيارة ؛ لأنها كانت جزءًا من برنامجه للحصول على لقب خديوي مع عدة امتيازات في نظام الحكم بمصر, وكان من برنامج الزيارة أن يستقبل الخليفة العلماء في القصر ,
لذا وضع الخديوي بعض مشايخ الأزهر ضمن علية المصريين ، الذين يشرفون بالمثول أمام الخليفة عبد العزيز خلال زيارته التاريخية إلى مصر، ووقع الاختيار 4 من كبار علماء الأزهر ليستقبلهم الخليفة في قصر القلعة، ويتجادل معهم في شئون الإسلام والمسلمين، وهو خليفة المسلمين.
وكانت المشكلة هي كيفية تعليم المشايخ الأربعة قواعد المثول أمام الخليفة ، وكان البروتوكول آنذاك متشددًا للغاية ، بحيث يلزم الجميع بالانحناء للخليفة انحناءً عظيمًا ، ثم التقدم بخطوات ثابتة امام الخليفة ثم تكرار الانحناء والتسليم فيرد الخليفة عليهم تحيتهم فيعيدون حينئذ الانحناء والتسليم مرة أخرى ثم التراجع نحو الباب وهم على هذه الحال المهينة، وطلب الخدوي من قاضي القضاة أن يتكفل بتعليم المشايخ الأربعة تلك القواعد عدة أيام حتى لا يخطئوا في حضرة الخليفة .
و عندما حان الموعد دخل العلماء، فنسوا دينهم واشتروا دنياهم، وانحنوا أمام مخلوق مثلهم تلك الإنحناءات، وخرجوا موجهين وجوههم إلى الخليفة كما أمرهم رجال التشريفات ، وكان الخديوي يقف وراء الخليفة بمسافة وعينه تراقب ما يحدث فأعجب بإتقانهم الدرس الذي ألقي عليهم.
إلا عالمًا واحدًا، هو الشيخ حسن العدوى، ذكر دينه ونسي دنياه، واستحضر في قلبه أن لا عزة إلا لله، ودخل مرفوع الرأس كما ينبغي أن يدخل الرجال.
وواجه الخليفة بتحية الإسلام : "السلام عليكم يا أمير المؤمنين"
فابتسم الخليفة ابتسامة لطيفة ورد على الشيخ العدوي تحيته .
وابتدر الشيخ الخليفة بالنصيحة التي ينبغي أن يتلقى بها العالم الحاكم , ودعاه إلى تقوى الله والخوف من عذابه، والعدل والرحمة بين رعاياه, فلما انتهي سلم وخرج مرفوع الرأس ، فوجد زملاءه بانتظاره على الباب يلومونه على فعلته فقال لهم:
"أما أنا فقد قابلت أمير المؤمنين وأما أنتم فكأنكم قابلتم صنمًا، وكأنكم عبدتم وثنًا".
وأسقط في يد الخديوي ورجال السرايا، وظنوا أن الأمر كله قد انقلب عليهم, وأن السلطان لابد غاضب فضائعة تلك الجهود التي بذلوا، والآمال التي نسجوا.
فسأل الخليفة عبد العزيز الخديوي إسماعيل عن هذا الشيخ فأجابه : "هذا الشيخ من أفاضل العلماء ولكنه مجذوب، وأستميح جلالتكم عفوًا عن سقطته"
فرد الخليفة : « بل ليس عنكم إلا هذا العالم » ...
وأمر بمنح الشيخ العدوي خلعة سنية وألف جنيه دون سواه ...
تعليقات
إرسال تعليق