في واقعة خفيفة ظريفة

في واقعة خفيفة ظريفة 
أنه في دولة أوربية قام أستاذ جامعي بتسجيل محاضرته على شريط كاسيت
ثم وضع جهاز التسجيل على طاولته وأداره على المحاضرة  
وانصرف هو خارج القاعة وراح لحال سبيله 
تاركا طلابه يستمعون إلى المحاضرة من خلال التسجيل 
في المحاضرة التالية بعد يوميّن ذهب ليضع جهاز التسجيل كما فعل في المرة الأولى 
فلم يجد طالبا واحدا في القاعة  
وإنما مكان كل طالب كان هناك جهاز تسجيل مفتوح ليسجل المحاضرة من جهاز تسجيل الدكتور 
يعني إيه 
هم أرادوا ان يقولوا له  
مادام سيحل محلك جهاز تسجيل 
أيضاً سيحل محلنا أجهزة تسجيل  
آلة في مواجهة آلة  نحن نريدك أنت 
نريد المعلم الإنسان الذي نتفاعل معه ونقلده ونتشرب منه العلم والأخلاق والسلوك
أنا مازلت اتذكر أساتذتي الذين ربوني قبل أن يعلموني  مُدرس اللغة العربية الذي كان يتجوّل في ردهة الفصل بصوته الجهوري 
وهو يترنم بشعر أبي تمام والبحتري والمتنبي  
وكأنهم من بقيّة أهله 
فعلمنا إلقاء الشعر دون أن يقصد  
وزميله الآخر صاحب المعطف الأنيق 
وهو يصنع جدولا بالطباشير الملون على السبورة لقواعد النحو  حتى كنا نتلكأ في مسحه لجماله ودقته 
فتشربت منه الدقة والأناقة والنظام والنظافة 
 وأستاذي الرائع الذي كان يحمل كراسات التعبير إلى بيته ليُصححها 
وكأنه محام يحمل ملفات قضايا 
ودرجاته التي لاتزيد عن خمسة من عشرة 
 ويوم أن أعطاني ست درجات ونصف من عشرة على موضوع تعبير كتبته عن النكسة 
 قال لي بأنه ظل مترددا طوال الليل قبل أن يضحي بتلك الدرجة التي اعتبرها سابقة خطيرة في حياته الوظيفية 
المدرس ليس آلة يا حاج طارق 
 وإنما هو أب وصديق وإنسان 
 يربي بطريقة مباشرة وغير مباشرة  
وكم قلدنا أساتذتنا في طريقة لبسهم وكلامهم وتسريحة شعرهم ومشيتهم 
هناك فرق ياحاج طارق بين المدرس والمعلم 
المدرس هو الذي ينقل المعلومة من كراسته إلى كراسة تلميذه  
أما المعلم فإنه يربي ويهذب ويعلم أيضا..
#منقووووووووووووول_بتصرف..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سحر الأرحام: تعريفه، أنواعه، أعراضه وعلاجه

أحد زعماء المافيا اكتشف بأن المحاسب لديه كان يختلس من أمواله

(صحف اخنوخ) أدريس عليه السلام ‏🤲🤲