من بين الجرائم التي يقررها وينضمها ويعطيها القانون اهتمام كبير

مقدمة:
من بين الجرائم التي يقررها  وينضمها ويعطيها القانون اهتمام كبير هي جريمة النصب والاحتيال، وكذلك جريمة اصدار شيك دون رصيد
وسوف نتناول كل جريمة على حدى ونحاول التطرق الى كل جوانب هده الجريمتين
أولا : جريمة النصب:
 
من المقرر أن جريمة النصب كما هى معرفة فى المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة إحتيال وقع من المتهم على المجنى عليه بقصد خدعه والإستيلاء على ماله فيقع المجنى عليه ضحية الإحتيال الذى يتوافر بإستعمال طرق إحتيالية أو إتخاذ إسم كاذب أو بإنتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف فى مال الغير ممن لا يملك التصرف فيه . وقد نص القانون على أن الطرق الإحتيالية فى جريمة النصب يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة وإحداث الأمل بحصول ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر فى المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها وأنه يجب أن يكون تسليم المجنى عليه ماله لاحقاً على الطرق الإحتيالية التى قارفها المتهم
وفي جريمة النصب والاحتيال وجب لقيامعا توافر 3 أركان وهي:
الركن المادي، وسيلة الإحتيال:
الركن المادي في جريمة الإحتيال أو النصب هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل تحقيق الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع على هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل الاحتيال التصرف في عقار أو منقول غير مملوك للجاني، فوسيلة الاحتيال إذن إما أن تكون بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وإما أن تكون بالتصرف في عقار أو منقول.
1. الطريقة الاحتيالية أو اتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة:
يشترط في الاستعانة بأي من هذه الوسائل أنه يكون من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال المنقول أو السند أو التوقيع عليه أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله.
أ0 الطريقة الاحتيالية: 
من المسلم به فقهاً وقضاء أن الكذب المجرد لا يكفي لتوفر الطريقة الاحتيالية مهما كان منمقا مرتبا يوحى بتصديقه ومهما تكررت وتنوعت صيغته، وقد قضت محكمة النقض بأن جريمة النصب لا تتحقق بمجرد الأقوال والإدعاءات الكاذية ولو كان قائلها قد بالغ في توكيد صحتها حتى تأثر بها المجني عليه، بل يجب ان يكون قد اصطحب بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته( ).
ويتعين إذن حتى تتوفر الطريقة الإحتيالية أن يوجد إلى جوار الكذب ما يؤيده ويوحي بصدقه فتعمل الأكاذيب أثرها في استسلام المجني عليه وتحمله على التسليم والتخلي عن حيازة المال موضوع الجريمة( ).
ويلاحظ أن المشرع لم يحدد في النص ما هية الطريقة الإحتيالية أو نوعها أو اسلوبها حتى تعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال وهو في ذلك يتوسع في الأفعال التي تعتبر طرقا احتياليه بغرض الإستيلاء على مال الغير، شأنه في ذلك شأن القانون الايطالي (المادة 640 منه) والقانون السويسري (المادة 148) والقانون البولوني (المادة 264).
ومهما يكن من أمر الطريقة الإحتيالية ونوعها وأسلوبها، فإنه يجب ان يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم. على أنه يجب أن تكون الطريقة الإحتيالية على درجة من الحبك الذي يسمح بخداع الشخص متوسط الذكاء، ومع ذلك فإنه من يتوسم فيه الجاني الطيبة والسذاجة يكون محلاً للحماية القانونية، غير انه يجب أن لا يكون المجني عليه من السذاجة والغفلة لدرجة أن يصدق كل ما يقال له أوي لقي إليه من أكاذيب مهما كانت فاضحة أو مكشوفة في كذبها.
ويجب أن توجه الطريقة الإحتيالية إلى المجني عليه ذاته لخداعه وغشه إبتغاء اغتيال ماله، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الطرق الإحتيالية التي بينها القانون يجب توجيهها إلى خداع المجني عليه وغشه( ).
والطرق الإحتيالية تكاد لا تدخل تحت حصر ولكن المهم فيها أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، فمن يزغم بقدرته على شفاء الأمراض أو يوهم الناس بقدرته على الإتصال بالجن وإمكان شفائهم أو الإرشاد عن مكان شيء مفقود أو استخراج كنز مدفون في باطن أرض منزل المجني عليه، فإن هذه الوقائع وامثالثها تعد نصبا واحتيالا.
ب‌. إتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة:
كذلك من وسائل الإحتيال اتخاذ الجاني اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة وهذه وسيلة مستقلة بذاتها من وسائل النصب والإحتيال وتكفي وحدها في تكوين الركن المادي في الجريمة دون حاجة لاستعمال طرق احتيالية، فيكفي لتكوين جريمة المصب أن يتسمى الجاني بإسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق غرضه دون حاجة إلى الاستعانة على إتمام جريمته بأساليب احتالية اخرى( )، كذلك الحكم النسبة لانتحال صفة غير صحيحة، فمن يدعي كذبا بأنه وكيل عن شخص اخر ويتمكن باتخاذ هذه الصفة يغر الصحيحة من الاستيلاء على مال المجني عليه لتوصيله إلى موكله المزعوم يعد مرتكبا لجريمة الإحتيال بإتخاذ صفة كاذبة ولو لم يكن هذا الإدعاء مقرونا بطرق إحتيالية( ).
إلا أنه يشترط في الإلتجاء إلى هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم، فمتى كانت الواقعة هي أن المتهم لم يتجاوز في فعلته اتخاذ اسم كاذب دون أن يعمل على تثبيت اعتقاد المجني عليه بصحة ما زعمه وأن المجني عليه اقتنع به لأول وهلة، فإن ذلك لا يكون من المتهم إلا مجرد كذب لا يتوافر معه المعنى المقصود قانونا من اتخاذ الاسم الكاذب في النصب، ذلك أن القانون وإن كان لا يقتضي أن يصحب اتخاذ الأسم الكاذب طرق احتيالية، إلا أنه يستلزم أن يحف به ظروف واعتبارات أخرى يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تصديق المتهم. وتقدير هذه الظروف والاعتبارات من شأن قاضي الموضوع( )، كذلك إذا ادعى شخص بأنه مخبر من الشرطة واستولى بهذا الإدعاء على مبلغ من شخص آخر بدون أن يقترن إدعاءه بأفعال مادية اخرى من شأنها التأثير في المجني عليه، فإن مجرد هذا الإدعاء الكاذب لا يكفي لتكوين جريمة النصب، إذ ليس في مجرد اتخاذ ذلك الشخص لصفة المخبر في الشرطة ما يحمل المجني عليه على التسليم وإعطائه مالا( ). وهذا يتفق مع ما نصت عليه المادة 399 عقوبات من أنه يجب أن يكون من شأن اتخاذ الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، أي يجب أن يكون اتخاذ ذلك الإسم او تلك الصفة هو السبب الذي حمل المجني عليه على تسليم المال تحت إبهامه، فإذا كان الإسم الذي تسمى به الجاني أو الصفة التي ادعاها غير ذات اثر على المجني عليه ومع ذلك قام بتسليم المال إلى الجاني فلا تتوافر في هذه الحالة جريمة الإحتيال( ).
ويستوي في الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة كوسيلة للاحتيال أن يكون شفاهة او يتخذه الجاني محررا، ويستوي ان يكون الإسم المنتحل خياليا أصلا او حقيقيا لشخص اخر غير الجاني غير ان التسمي بإسم الشهرة لا يعد إسما كاذبا.
أما الصفة غير الصحيحة فتكاد لا تقع تحت حصر، فقد تكون هذه الصفة درجة علمية وقد تكون مهنة أو عملا يزعم الجاني الاشتغال به كاتخاذ المتهم صفة تاجر وحصوله بناء على ذلك على بضاعة.
2. التصرف في مال ثابت او منقول:
أما الوسيلة الثانية من وسائل الإحتيال فهي التصرف في عقار او منقول غير مملوك للجاني وليس له حق التصرف فيه أو التصرف في شيء من ذلك مع علم الجاني بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه. وهذه الوسيلة تقوم مستقلة بذاتها ويكفي مجرد توفرها لقيام الركن المادي في جريمة الإحتيال دون اشتراط تأييدها بأشياء اخرى خارجية( )، فزعم الجاني بملكية المال أو أن له حق التصرف فيه أو التصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه، هو في ذاته كاف لتحقيق الركن المادي في جريمة النصب، ويشترط لتوفر هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أمران:
• الأول : التصرف في عقار أو منقول.
• والثاني: أن يكون هذا المال غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه أو سبق أن تصرف فيه.
‌أ. التصرف في عقار أو منقول:
يقصد بالتصرف هنا كل تصرف ناقل للملكية كالبيع والمقايضة والهبة أو كل تصرف يقرر على العقار حقا عينيا كحق الإرتقاق او الرهن( )، أما التأجير فلا يعد تصرفا في جريمة النصب، ويستوي أن يكون محل التصرف عقارا أو منقولا، فإذا كان التصرف بالبيع مثلا واردا على عقار فإن المجني عليه هو المتصرف إليه الذي يسلم المال للجاني وتقوم وسلية الإحتيال في هذه الحالة دون أي شبهة.
أما إذا كان محل التصرف منقولا، فإن كان المنقول معينا بالنوع كصنف معين من الحبوب أو الثمار، فإن العقد يتم بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول بغير توقف على تسليم المبيع، فإن كانت نية الجاني هي الإستيلاء على المال ولم ينصرف قصده إلى تسليم المنقول المعين بالنوع كان فعله هذا مكونا للركن المادي في جريمة الإحتيال، أما إذا كان نية الجاني هي تسليم المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه الركن المادي في جريمة النصب حتى ولو عجز بعد هذا عن تسليم المنيع.
أما إذا كان محل التصرف معينا بالذات كسيارة أو دابة محددة بأوصافها، فإن جريمة الإحتيال تقوم بتمكين الجاني من الإستيلاء على مال المجني عليه، فمن يشاهد سيارة ويتوجه إلى الجاني معتقدا أنه مالكها يبغى شراءها منه، فيبدي هذا الأخير إستعداده لبيعها له مؤكدا أنها ملكة ويتفق معه على تسليمها إليه بعد تحرير عقد البيع وقبض الثمن، فإذا تم هذا واختفى الجاني قبل التسليم، عد مرتكبا لجريمة النصب.
‌ب. كون المال غير مملوك للجاني او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه:
يشترط في المال محل التصرف أن يكون غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه فإن كان مملوكا له أو له حق التصرف فيه فلا جريمة، فالوكيل الذي يقوم بالتصرف في مال مملوك لموكله بناء على عقد وكالة يفوضه فيه بالبيع، لا يرتكب جريمة نصب حتى ولو ظهر بعد ذلك ان الوكالة كانت قد انتهت او انقضت ولم يكن الوكيل قد علم بذلك.
وكذلك يتوفر الركن المادي لجريمة النصب أو الإحتيال في حالة تصرف الجاني في المال مرتين، ويكون المجني عليه في هذه الحالة هو المشتري الثاني، أما المتصرف إليه الأول فليس هناك جريمة نصب وقعت في حقه.
على انه يشترط بداهة أن يجهل المجني عليه أن المال ليس في ملكية الجاني أو أنه ليس له حق التصرف فيه أو أنه قد سبق التصرف فيه وإلا فلا جريمة، وقد قضى بإنه إذا كا ن دفاع المتهم قوامه عدم توافر عنصر الإحتيال في الدعوى لان المجنى عليه حين تعاقد معه كان يعلم أنه غير مالك لما تعاقد معه عليه فإن الحكم إذ دانه في جريمة النصب على أساس أن التصرف في مال لا يملك المتهم فيه هو طريقة من طرق النصب قائم بذاته لا يشترط فيه وجود طرق احتيالية يكونه قاصر البيان في الاسباب التي بني عليها( ).

• الركن الثاني – محل الجريمة أو موضوع الإحتيال:
يشترط أن يكون موضوع جريمة الإحتيال أو النصب مالا منقولا او عقارا مملوكا لغير الجاني أو ليس له حق في التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه.
ولا أهمية بقيمة المال – عقارا كان أو منقولا – في قيام جريمة الاحتيال، كذلك لا عبرة بكون المال له قيمة مادية أو مجرد قيمة أدبية كالخطابات والمذاكرات الخاصة( ). ويستوي في المال موضوع الجريمة أن تكون حيازة المجني عليه له مشروعية أو غير مشروعة، فمن يتوصل بالإحتيال إلى الاستيلاء على مواد مخدرة من آخر يعد مرتكبا لجريمة النصب، إذا توافرت أركانها، وكذلك الحال فيمن يستولى على سلاح غير مرخص بحيازته(3).
ونشير هنا إلى أن الإستيلاء على المنفعة فقط بإحدى وسائل الإحتيال لا يكفي لقيام محل جريمة النصب، كمن يتوصل بطريق الحيلة إلى الركوب في وسائل المواصلات العامة بغير أجر تحت الزعم بأنه من رجال الشرطة مثلا.
والعبرة في ملكية المال المنقول أو العقار للجاني أو عدم ملكيته إياه هي بالحقيقة والواقع، فإذا كان المال مملوكا لمن استولى عليه فلا جريمة في الأمر حتى ولو كان يعتقد وقت استيلائه
على المال أنه مملوك لغيره، فإذا كان المال في ملك من يحتال لأخذه وهو يعلم بملكيته له وقد التجأ إلى هذه الوسيلة في سبيل الحصول عليه فلا جريمة يمكن اسنادها إليه( ).
إلا إنه يشترط في الإستيلاء على المال بأي وسيلة من وسائل الإحتيال المشار اليها آنفا أن يكون من شأن ذلك الإضرار بالغير، أي أن يلحق بالمجنى عليه ضرر من استيلاء الجاني على ماله، لأنه ما لم يحصل أي ضرر فلا يكون هناك سلب لمال الغير. ويؤخذ من احكام محكمة النقض المصرية انها تشترط الضرر ولو كان محتملا، فقد قضت بأن مجرد الاستيلاء على نقود عن طريق التصرف في مال ثابت او منقول ليس ملكا للمتصرف ولا له حق التصرف فيه يعتبر نصبا معاقبا عليه، بغض النظر عما إذا كان الضرر الحاصل من هذا التصرف قد وقع فعلا على الطرف الاخر في العقد أو على صاحب الشيء الواقع فيه التصرف( ).
كما قضت أيضا بأنه يكفي لتحقيق جريمة النصب أن يكون الضرر محتمل الوقوع( ).

• الركن الثالث – القصد الجنائي:
جريمة الإحتيال أو النصب جريمة عمدية تتطلب توفر القصد الجنائي العام والقصد الخاص. ويتوفر القصد الجنائي العام فيها بعلم الجاني بأن الأفعال التي يأتيها يعدها القانون وسائل احتيال ومن شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسلم المال، أما القصد الخاص فيتمثل في انصراف نية الجاني إلى الإستيلاء على الحيازة الكاملة لمال المجني عليه.
فمن يتصرف في منقول أو عقار معتقدا أنه اصبح مملوكا له بطريق الميراث وهو لم يرثه بعد، لا تتوافر في حقه جريمة الإحتيال لتخلف القصد الجنائي العام. كذلك إذا لم يكن قصد الجاني منصرفا إلى تملك المال الذي تحصل عليه من حائزة بطريقة الحيلة انتفى قيام القصد الجنائي الخاص وانتفت بالتالي جريمة النصب، فمن يتوصل بوسائل الإحتيال إلى الحصول على منفعة مال من اخر لا يعد مرتكبا لجريمة النصب لأن العبرة هي نية الجاني في الاستيلاء على مال المجني عليه لا مجرد الحصول على منفعة هذا المال. ولا يمنع أن يكون الاستيلاء على المنفعة في هذه الحالة مكونا للجريمة المنصوص عليها في المادة 394 عقوبات إذا توافرت أركانها، إلا انه يشترط أن يتعاصر القصد الجنائي العام والخاص في جريمة الإحتيال مع وقت الاستيلاء على المنقول أو العقار. وقيام القصد الجنائي بشقيه عند الجاني مرده إلى وقائع الدعوى وما تستخلصه منها محكمة الموضوع، ولا عبرة في توفره بالباعث الذي دفع الجاني إلى ارتكاب الجريمة.
• ظرف مشدد:
نصت الفقرة الثانية من المادة 299 عقوبات على ظرف مشدد في جريمة النصب وهو إذا ما كان محل الجريمة مالا او سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة الخامسة عقوبات ومنها الوزارات والدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، والحكمة من تشديد العقوبة في مثل هذه الأحوال هي الحفاظ على أموال تلك الجهات فضلا عما يتسم به عمل الجاني من جرأة وجسارة تتمثل في الاسيلاء لنفسه أو لغيره على مال للدولة بأحدى وسائل النصب والإحتيال.
• عقاب الشروع في الجريمة وجواز الحكم بالمراقبة على العائد:
جريمة النصب أو الإحتيال من الجنح التي يعاقب القانون على الشروع فيها، ويتوافر الشروع في هذه الجريمة إذا كا القى الجاني بوسيلة من وسائل الإحتيال للاستيلاء على مال المجني عليه فاكتشف هذا الأخير تلك الوسيلة ولم ينخدع ويسلمه المال أو لم يكتشف المجني عليه هذه الوسيلة ولكن الجريمة ضبطت وقت تسليم المال.
تانيا: جريمة اصدار شيك دون رصيد:
ليس في القانون تعريف للشيك ولكن الفقه يعرفه : "بأنه محرر مكتوب وفقاً لأوضاع شكلية معينة يطلب به الساحب إلى المسحوب عليه أن يدفع بمقتضاه وبمجرد الاطلاع عليه لشخص معين أو لأمر شخص معين أو لحامله مبلغا من النقود" وغالباً ما يكون المسحوب عليه أحد البنوك ، وفي تعريف آخر قيل بأن : "الشيك أمر مكتوب يتمكن الساحب بموجبه أو شخص آخر معين او حامله من قبض كل نقوده أو بعضها المقيدة لذمته في حسابه لدى المسحوب عليه عند الطلب " .
علة تجريم الشيك :
لا يتاح للشيك أن يوفى بوظائفه إلا إذا كان محل ثقة المتعاملين به ولذلك فإن المشرع قد استهدف من تجريم أفعال المساس بالثقة الموضوعة في الشيك كأداة للوفاء إلى حماية الائتمان العام الذي يقضي بأن يؤدي الشيك وظيفته بانتظام بعد أن أصبح يقوم بوظيفة النقود ، هذا بالإضافة إلى المصلحة الخاصة للمستفيد ولأفراد المجتمع الذين قد يتداول الشيك بين أيديهم عن طريق التظهير .
أركان الجريمة :
من نص المادة (237) يتبين أن لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد ثلاث أركان هي :
1) اعطاء شيك .
2) عدم وجود رصيد يفي بقيمته قائم لدى المسحوب عليه وقابل للسحب .
3) القصد الجنائي .
وندرس هذه الأركان بشىء من التفصيل فيما يلي :-
الركن الأول : إعطاء شيك :
والشيك محل الحماية بهذا المعنى أداة وفاء وتقضى به الديون فلا تدخل في نطاق الحماية إعطاء الأوراق التجارية الأخرى كالكمبيالة والسندات الإذنية وإنما يجب أن تكون الورقة شيكاً وإعطاء الشيك هو إخراجه من حيازة الساحب وطرحه للتداول ويكون ذلك بمناولته للمستفيد أو بإرساله إليه . ومناولة الشيك من المحرر لوكيله لا يعد إعطاء لأنه لا يكون قد خرج من حيازة الساحب نهائياً . 
أما إذا كان تسليم الشيك لوكيل المستفيد على وجه يؤدي إلى تخلي الساحب عنه نهائياً فإن فعل الإعطاء يكون قد تحقق .
ووجود الشيك لدى المستفيد يعتبر قرينة على الإعطاء ما لم يثبت الساحب أن الشيك مسروق أو ضائع منه .
الركن الثاني : عدم وجود الرصيد : 
ويمكن تعريف الرصيد بأنه التزام في ذمة المسحوب عليه للساحب بدفع مبلغ من النقود ويشترط أن يكون هذا الرصيد موجوداً عند إصدار الشيك وقابلاً للتصرف فيه وأن يكون مساوياً على الأقل لمبلغ الشيك .
ويعد إعطاء الشيك واقعة إجرامية وفقا لنص المادة (237) قانون الجزاء الكويتي في الأحوال الآتية : 
أ ) إذا كان الشيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ولا يشترط لوجود الرصيد أن يكون مودعاً من الساحب أو من غيره لدى البنك وإنما يكفي أن يكون المسحوب عليه قد فتح له حساباً باتفاق سابق بينهما فإذا انعدم الرصيد فقد نشأت الجريمة لكن وجود الرصيد لا يعني حتماً انتفاء الجريمة لأنه يجب أن يكون الرصيد قابل للسحب إذ من الجائز أن يكون الرصيد محجوزاً عليه أو أن يكون الساحب لا يملك إدارة أمواله لأنه قاصراً أو لأنه محجوز عليه لسفه أو لأنه تاجر أشهر إفلاسه ففي هذه الأحوال تتحقق الجريمة .
ب) إذا كان الرصيد أقل من قيمة الشيك ولا يشترط أن يبلغ النقص حداً معيناً فأي عجز في قيمة الرصيد عن الوفاء بكامل مقدار الشيك ما يكفي .
ج) إذا سحب من أعطى الشيك بعد إعطائه كل الرصيد أو بعضه بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك . 
د ) إذا أمر الساحب البنك (المسحوب عليه) بعدم دفع قيمة الشيك ولا عبرة بالأسباب التي دعته إلى إصدار الأمر بعدم الدفع .
فالجريمة تتحقق ولو كان ذلك بسبب مشروع واستثناء يجوز الأمر بعدم الدفع في حالتي :
1 - إفلاس الحامل .
2 - فقد الشيك وضياعه وسرقته .
الركن الثالث : القصد الجنائي : 
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد جريمة عمديه فلابد لمساءلة الجاني فيها من توفر القصد لديه والسؤال هنا عما هو القصد الازم العام أو الخاص  الراجح في ضوء المادة (237) من قانون العقوبات المصري أن القصد اللازم في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام وأنه يتحقق متى كان الجاني وقت اعطاء الشيك عالماً بانعدام الرصيد أو عدم كفايته أو بعدم قابليته للسحب أو يكون عالماً وقت صرف الرصيد إن الشيك لم يصرف بعد وأنه يعرقل الوفاء بقيمته لدى الاطلاع .
ونجد أن المادة (237) من قانون الجزاء الكويتي عبرت عن القصد بقولها "من أعطى بسوء نية" فالمفهوم من ذلك أن المشرع الكويتي يقصد بهذه العبارة ما تعنيه في القانون المصري أي أنه يأخذه بمعناه الراجح ومن ثم وجب القول بأن القصد الازم في ضوء المادة (237) جزاء هو القصد الجنائي العام .
والسؤال التالي هو هل جريمة إصدار شيك بدون رصيد جناية أم جنحة .
أولا : قبل تعديل سنة 1978م :
أ ) كانت المادة (237) جزاء تجعل من جريمة إعطاء شيك بدون رصيد (جنحة) عقابها الحبس مدة لاتجاوز ثلاث سنوات والغرامة التي لا تجاوز ثلاث آلاف روبية أو إحدى هاتين العقوبتين .
ب) غير أنه بالنظر إلى الأهمية والدور البالغ الذي يقوم به الشيك في التعامل بوصفه أداة وفاء كالنقود وتزايد هذا الدور للشيك في المجتمع الكويتي أصدر المشرع مرسوما بالقانون رقم 15 لسنة 1978م باستبدال المادة (237) من قانون الجزاء على النحو التالي :
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تجاوز خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من أقدم بسوء نية على ارتكاب أحد الأفعال الآتية :
1) إذا أصدر شيكا ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للتصرف فيه .
2) إذا استرد بعد إصدار الشيك كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي الباقي بقيمته .
3) إذا أمر المسحوب عليه بعدم الصرف .
4) إذا تعمد تحرير الشيك أو التوقيع عليه بصورة تمنع الصرف .
5) إذا ظهر شيكاً أو سلم شيكاً مستحق الدفع لحامله وهو يعلم إنه ليس له مقابل يكفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف .
ثانيا : استحداث جرائم حديثة :
فقد استحدث هذا القانون تجريم فعل المظهر أو الذي يسلم شيكاً مستحق الدفع وهو يعلم أن الشيك الذي يظهره أو الذي يسلمه ليس له رصيد قائم يكفي لكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف . كما أن هذا التعديل قد أزال الشك الذي كان يثور لدى البعض في حالة كان فيها ساحب الشيك يتلاعب في التوقيع لمنع صرف قيمة الشيك . فقد اعتقد البعض أن هذا الفعل بمنأى عن نطاق التجريم لذلك فقد أحسن القانون صنعاً بحسم هذا الأمر إذ نص على أن مصدر الشيك الذي يتلاعب في التوقيع لمنع صرفه يعد مرتكباً للجريمة متى ثبت قصده . 
لقد أصبحت جرائم الشيك على مختلف صدورها من الجنايات تختص النيابة العامة بالتحقيق والتصرف فيها .
فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب أي من هذه الجرائم خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه في أي منها تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات والغرامة التي لا تزيد على سبعمائة دينار وفي جميع الأحوال لا يجوز الأمةناع عن النطق بالعقاب أو الأمر بوقف تنفيذ الحكم إلا إذا ثبت أن الجاني قد أو فى بقيمة الشيك . 
ومن ذلك أيضا أنه أصبحت المحاكم مقيدة بموجب القانون الجديد في معاملة المتهمين بجرائم الشيك في شأن الأمةناع عن النطق بالعقاب أو الأمر بوقف تنفيذ الحكم لأن القانون يشترط لممارسة هذا الحق أن يثبت لديها قيام الساحب مرتكب الجريمة بالوفاء بقيمة الشيك كاملة غير منقوصة حتى يضمن حصول المستفيدين حسنى النية على حقوقهم المشروعة قبل إعفاء المتهمين من تنفيذ العقوبات المقررة أصلاً لجرائمهم .
ولكن التعديل الجديد يعطي للمحكمة في حالة الوفاء جواز الأمةناع عن النطق بالعقاب أو الأمر بوقف تنفيذ الحكم والقصد من ذلك حث الجاني على إصلاح ما أفسده بسابق فعل .
هل يعتبر الضرر عنصر من عناصر جريمة إعطاء شيك بدون رصيد :
بعض الفقهاء يرى اعتبار الضرر عنصراً من عناصر إعطاء شيك بدون رصيد  إلا أن السائد في شأن الضرر أنه يكفى أن يكون مبرراً احتماليا سواء بالنسبة للمستفيد أو للغير ممن يحول إليهم الشيك واحتمال الضرر يمس بالثقة في الشيك ذاته ويعرقل الوظيفة المقصودة منه كأداة وفاء تقوم مقام النقود في التعامل .
والقانون قد قدر احتمال الضرر من اكتمال مادية الجريمة أي متى حصل إعطاء الشيك ، وانعدام رصيده ، أو كان الرصيد غير قابل للصرف ، أو كان الشيك قد سحبه ، أو أصدر أمراً بعدم صرفه في غير الأحوال التي يجيزها القانون ومع اجتماع هذه الشروط يتلازم حصول الضرر أو احتماله ، الأمر الذي استوجب تجريم الفعل ولا حاجة بعد ذلك لإثبات الضرر أو تقصيه من جانب القاضي .
الخاتمة :
رغم  كلتى الفعلين يعتبران جريمتان ، فكل جريمة مستقلة بداتها من حيث النصوص القانونية وأركان قيامها.
                             المحامي الأنيق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في عام 1890، انتشر خبر عن مسرحية ستُعرض في فرنسـا

سحر الأرحام: تعريفه، أنواعه، أعراضه وعلاجه

📜1📜عقيدة أهل السنة والجماعة